♦ حكم التعامل فى الأسهم
والسندات والصكوك الاستثمارية التى تصدرها الشركات والحكومات
·
تساؤلات معاصرة حول شرعية التعامل فى الأسهم
والسندات والصكوك الاستثمارية للشركات المعاصرة :
هناك صيغ
وأشكال مختلفة من شركات الأموال المعاصرة ، منها على سبيل المثال : الشركات
المساهمة والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات التوصية بالأسهم ، وهذه صيغ
مستحدثة ولم يكن لها وجود فى صدر الدولة الإسلامية ويمكن أن تقاس على شركات المال
(مثل شركة العنان ) فى الفقه الإسلامى .
ومن أهم معالم شركات
الأموال المعاصرة أن رأس مالها مكون من أسهم أو حصص قابلة للتداول فى سوق الأوراق
المالية ، كما تدار بمعرفة مجلس الإدارة الذى يفوض من قبل الجمعية العامة
للمساهمين أو من فى حكم ذلك ، ويحكمها مجموعة من القوانين والقرارات والتعليمات
الحكومية .
ويثار بشأن هذه الشركات بعض التساؤلات
من بينها ما يلى :
·
ما مدى مشروعية هذه
الشركات .
·
ما مدى مشروعية
الأسهم التى تصدرها بأنواعها العادية والممتازة .
·
ما مدى مشروعية
السندات التى تصدرها بأنواعها ؟ وما البديل الإسلامى لهذه المستندات ؟
·
ما مدى مشروعية صكوك
التمويل ذات العائد المتغير؟
·
ما مدى مشروعية صكوك
الاستثمارات المشاركة فى الربح والخسارة ؟
·
مدى مشروعية شركات الأموال المعاصرة :
يرى جمهور الفقهاء
المعاصرين أن شركات الأموال ـ ومنها شركات المساهمة والشركات ذات المسئولية
المحدودة وشركات التوصية بالأسهم وما فى حكمها ـ جائزة حيث أنها تقوم على عقود
المشاركة المشروعة والوكالة والمضاربة المشروعة ما دامت لا تتضمن عقودها أى بنود
تخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
ومما تجدر الإشارة
إليه أن رأس مال هذه الشركة يتكون من حصص أو أسهم تسدد نقداً أو عيناً ، وقد تكون
عادية أو ممتازة ، كما قد تحتاج إلى تمويل إضافى فى صورة سندات بفائدة وهذا يتطلب
بيان التكييف الشرعى لهذه الأوراق وكيف تتداول فى سوق الأوراق المالية وهذا ما سوف
نتناوله فى البنود التالية .
·
حكم التعامل فى الأسهم العادية :
السهم : هو حصة فى
رأس مال شركة من شركات الأموال ، ويمتلك حامله حصة من موجودات الشركة بمقدار قيمة
السهم إلى مجموع قيم الأسهم ، ومن أهم خصائص الأسهم العادية ما يلى :
· تساوى
قيمة الأسهم العادية الصادرة عن نفس الشركة .
· التساوى
فى حقوق حملة الأسهم العادية ومنها التصويت والرقابة والأرباح والخسائر ونحو ذلك .
· يكون
المساهم مسئولاً بمقدار ما يملك من أسهم ويتحمل المخاطرة بنفس القدر .
· قابلية
الأسهم للتداول فى سوق الأوراق المالية (البورصة) وعدم قابلية السهم الواحد
للتجزئة بل هو وحدة واحدة .
ولقد أجاز الفقهاء التعامل فى الأسهم
العادية بالشروط التالية :
1. أن
يكون نشاط الشركات التى تصدر هذه الأسهم حلالاً ، ولذلك الاكتتاب أو الشراء أو
البيع فى أسهم الشركات التى يكون نشاطها محرماً مثل التى تتعامل فى الخبائث والربا
والقمار والميسر ...
2. إذا
اختلط الحلال بالحرام فى نشاط الشركة ، حيث تتعامل أحياناً بالمحرمات بالرغم من أن
نشاطها الأساسى مشروع ، فيجب على المساهم أن يسعى لتغيير الأنشطة المحرمة فإن لم
يستطع لأى سبب من الأسباب ، فعليه التصرف فى جزء من الأرباح التى يحصل عليها فى
وجوه الخير وليس بنية التصدق ، بمقدار نسبة الحرام التى تقدر باستخدام الأساليب
المحاسبية والمالية المعاصرة .
3.
تكون مسئولية حامل
السهم تجاه الغير فى حدود قيمة ما يمتلك من أسهم.
4. يجوز
أن تكون الأسهم العادية اسمية أو لحاملها ، والنوع الأول أولى فى الإصدار والتداول
من الناحية الشرعية ، وهناك من الفقهاء من لا يجيز الأسهم لحاملها .
5. لا
يجوز استخدام الأسهم العادية لضمان قروض ربوية أو التعامل غير المشروع فى سوق
الأوراق المالية مثل : المضاربات الوهمية والسحب على المكشوف والمستقبليات ونحو
ذلك مما يدخل فى نطاق الميسر (القمار) .
6.
يجوز شرعاً تداول
الأسهم العادية فى سوق الأوراق المالية بيعاً وشراءً وفقاً للضوابط الشرعية بحيث
لا تتضمن معاملات المقامرات (الميسر) والربا والجهالة والتدليس ونحو ذلك .
·
حكم التعامل فى الأسهم الممتازة :
يختلف السهم الممتاز عن السهم العادى فى
أنه يعطى حامله بعض الامتيازات ، منها على سبيل المثال ما يلى :
امتيازات مالية :
1.
الامتياز فى ضمان رأس
المال عند الاسترداد .
2.
الامتياز فى ضمان
نسبة ثابتة من الأرباح .
3.
الامتياز فى أولوية
صرف الأرباح المقررة .
امتيازات إدارية :
1.
الامتياز فى التصويت
فى الجمعية العامة للمساهمين .
2.
الامتياز فى الترشيح
لمجلس الإدارة .
والتعامل مع الأسهم الممتازة جائز فى
ضوء الضوابط الشرعية الآتية :
·
استيفاء نفس الضوابط
الشرعية للأسهم العادية السابق تناولها بالبند السابق .
·
أن لا يكون هناك ضمان
لرأس المال لأن ذلك يلغى المخاطرة وإلغاء تطبيق مبدأ الغنم بالغرم .
· أن
لا يكون هناك ضمان لنسبة ثابتة من الربح منسوبة إلى قيمة السهم لأن يلغى شرط الغنم
بالغرم والكسب بالخسارة والأخذ بالعطاء .
وباختصار فإنه يمكن القول أن الأسهم
الممتازة امتيازاً مالياً لا يجوز التعامل فيها بيعاً أو شراءً أو تداولاً .
·
حكم التعامل فى السندات :
يُعرِّف كتاب القانون
السند بأنه : صك بقيمة محدودة يلتزم مُصْدِرُه بدفع فائدة ثابتة دورية فى تاريخ
محدد ، وبلغة أخرى : هو صك بدين ذو طرفين ، طرف مدين ويمثل المُصدِر ، وطرف دائن
ويمثل مالك وحامل الصك ، ويحكم ذلك عقد القرض بفائدة .
ومن أهم خصائص القرض
بفائدة ما يلى :
1.
يمثل السند شهادة دين
على المُصْدِر عند أجل محدد فى عقد القرض .
2. يحصل
حامل السند على فائدة ثابتة محددة مقدماً على فترات دورية بصرف النظر عن نتيجة
نشاط الشركة التى أصدرت السندات ، وتُصرف هذه الفائدة فى تاريخ استحقاقها .
3.
تسدد قيمة دين السند
عند أجل محدد فى عقد القرض .
4.
لا يحق لحامل السند
المشاركة فى إدارة الشركة ولا حضور الجمعية العامة للمساهمين أو نحو ذلك .
5.
يحصل حامل السند على
حقوقه عند تصفية الشركة قبل حامل الأسهم .
من
أهم ما يجب التركيز عليه فى هذا الخصوص هو أن السند عبارة عن صك مديونية ويمثل
قرضاً بفائدة ، وتعتبر هذه الفائدة من الربا المحرم شرعاً وفقاً للقاعدة الشرعية :
(( كل قرض جر نفعاً فهو ربا )) ولذلك لم يجز الفقهاء السندات مهما كان نوعها أو
شكلها ، فقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامى المنعقد فى دورة مؤتمره السادس بجدة فى
المملكة العربية السعودية القرارات التالية :
1.
إن السندات التى تمثل
إلتزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إلى قيمتها الاسمية نفع مشروط ، محرمة شرعاً
من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول ، لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة
لهذه السندات خاصة أو عامة ترتبط بالدولة ، ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكاً
استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو
عمولة أو عائد .
2. تحرم
أيضاً السندات ذات الكوبون الصفرى باعتبارها قروضاً يجرى بيعها بأقل من قيمتها
الاسمية ، ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصماً لهذه السندات .
3.
كما تحرم أيضاً
السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اشترك فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع
المقرضين أو بعضهم لا على التعيين ، فضلاً عن شبهة القمار .
4. ومن
البدائل للسندات (إصداراً أو شراءً أو تداولاً ) السندات أو الصكوك القائمة على
أساس المضاربة الإسلامية لمشروع أو نشاط استثمارى معين بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع ،
وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك
ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلاً ، ويمكن الاستفادة من هذه الصيغة التى
يتم اعتمادها بالقرار رقم (5) للدورة الرابعة بهذا المجمع بشأن سندات المقارضة
المشاركة فى الربح أو الخسارة .
تعقيب :
يتضح من القرارات السابقة أن السندات وفوائدها
غير جائزة للإصدار أو التداول ، وليست من المصالح المرسلة بل هى من المصالح
المفسِدة ، وفوائدها عين الربا المحرم تحريماً قطعياً فى الكتاب والسنة ، ويُقاس
عليها القروض بفائدة من البنوك ، فقد صدرت فتاوى عديدة تقطع بأن الفوائد المصرفية
تعتبر عين الربا .
وهناك نوع جديد من أنواع السندات أطلق
عليه اسم (صكوك التمويل ) إلا أنها لا تدر عائداً ثابتاً بل عائداً متغيراً ولا
يجاوز هذا العائد ما يحدده البنك المركزى بالاتفاق مع الهيئة العامة لسوق المال من
فائدة ، لأن هذه الفائدة تتأثر بأسعار الفائدة المالية هبوطاً وصعوداً وغير مرتبطة
بنتائج العمل من ربح أو خسارة .
والتعامل فى صكوك التمويل ذات العائد
المتغير وغير مشاركة فى الخسارة غير جائز شرعاً لأن صاحبها مجرد دائن للشركة
وتُدِر عليه عائداً ، وهذا من باب القرض الربوى المحرم ، وعدم تثبيت العائد لا
يُخْرِجْ المعاملة من الحرمة إلى الحِلْ لأن تغييره يرجع إلى ما يحدده البنك
المركزى بالاتفاق مع الهيئة العامة لسوق المال وليس مرتبطاً بالأرباح قِلَّة أو
كثرة .
·
حكم التعامل فى صكوك الاستثمار المشاركة فى
الربح والخسارة :
هى نوع من الأوراق المالية المستحدثة
تصدرها شركات تَلَقِى أموال مثل صناديق الاستثمار ، ويشترك صاحب الصك فى الأرباح
ويتحمل الخسائر بقدر قيمة الصك ، وله الحق فى ناتج التصفية ، ويسترد قيمة الصك إذا
اتفق عبى ذلك ، وصكوك الاستثمار حسبما تقدم مشروعة فى إصدارها وتداولها والتعامل
عليها بشتى وجوه التعامل المشروعة ، ويطلق عليها أحياناً ( صكوك المضاربة
الإسلامية ) .
ولقد نشأت فى الآونة الخيرة العديد من صناديق الاستثمار الإسلامية التى
تصدر هذه الصكوك وتتعامل فيها .
إرسال تعليق