السلام علبكم ورحمة الله وبركاته
أقدم إليكم تلخيص لمادة التنظيم القضائي لجليلة إدريس
---------------------------------------
المحور الأول:السياق التاريخي للقضاء
1- القضاء في الإسلام
مر المغرب في مساره التاريخي بمنعطفات حاسمة كان لها الأثر في شتى الميادين منها نظامه القضائي حيث أسهمت في إعادة بنائه وتشكيل مضامينه على أسس جديدة ووفق مرجعيات مختلفة عن تلك التي كانت متأصلة لديه قبل أن تفرض عليه الحماية .
من خصائص القضاء في الإسلام الاعتماد على أحكام الشريعة الإسلامية من جميع المستويات، و الالتزام بقواعد الأخلاق والموضوعية في الأحكام، والابتعاد عن الشكليات، إضافة إلى مجانية القضاء والعدالة المطلقة. كما كان القضاء يتشكل من أربع جهات قضائية هي القضاء العادي، قضاء الحسبة، قضاء المظالم ثم قضاء العسكر.
2- القضاء المغربي قبل الحماية 1912
- القضاء الشرعي: كان يتولاه القاضي الشرعي ممثل السلطان أمير المؤمنين. ينظر في نزاعات المسلمين وقضاياهم المدنية والتجارية والأسرية ماعدا القضايا المتعلقة بالجنايات والجنح. يطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن والسنة وما جرى به العمل في المذهب المالكي. لا يقبل الطعن فيه.
- القضاء المخزني: تم إحداثه تكريس لسلطة الباشا أو القائد في مجال الفصل في المنازعات بين المغاربة في القضايا المدنية والجنائية لتتوسع لتشمل القضايا التجارية التي لم يكن ينظر بشأنها القضاء الشرعي.( قضاء تعسفي) لأنه يستند إلى الاجتهاد الشخصي للباشا أو القائد ولم يكن ملتزما بتطبيق أي قانون محدد.
- القضاء العبري: أسندت له مهمة الفصل في القضايا الخاصة بالأحوال الشخصية والميراث لليهود المغاربة.يتكون من 3أحبار يهود.
- المحاكم القنصلية: أنشأت للنظر في القضايا الخاصة بالأجانب
3- التنظيم القضائي المغربي خلال مرحلة الحماية
اختلف التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري.وهي كالتالي:
* القضاء بالمنطقة الجنوبية :
تميز هذا التنظيم بالمحافظة على المحاكم الشرعية (نظام فردي)، المحاكم المخزنية والمحاكم العبرية، لكنه تم إلغاء المحاكم القنصلية، كما تم استحداث محاكم جديدة هي المحاكم العرفية والمحاكم العصرية ومحكمة الاستئناف الشرعي( نظام جماعي).
* التنظيم القضائي بالمنطقة الشمالية أوالخليفية
انتظم العمل القضائي بهذه المنطقة بأربع جهات هي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم الاسبانية الخليفية ( كانت تتألف من محاكم الصلح، محاكم ابتدائية ومحكمة الاستئناف بتطوان).
* القضاء بمنطقة طنجة الدولية
نصت الاتفاقية الفرنسية-الاسبانية مع بريطانيا في دجنبر 1922م ـ في فصلها الثامن والأربعون ـ على إحداث محكمة دولية مختلطة يعهد إليها بتنظيم شؤون العدل بطنجة بالنسبة للأجانب والمحميين المغاربة، ومن مميزات هذه المحكمة أن أحكامها لم تكن قابلة للنقض. ثم صدر ظهير في 10يونيو 1953م نظم القضاء في عدة أنواع من المحاكم هي : محكمة الصلح، محكمة ابتدائية، محكمة استئناف ومحكمة الجنايات.
4- القضاء بعد الحصول على الاستقلال
بعد حصول المغرب على الاستقلال عمل المشرع المغربي على الغاء المحاكم العرفية والمخزنية وأحدث بالمقابل محاكم جديدة منها المحاكم العادية والعصرية ومحاكم الشغل والمجلس الأعلى.
5- النظام القضائي بالمغرب بعد صدور قانون التوحيد والمغربة والتعريب بتاريخ 26 يناير 1965
رغبة في الحد من دور القضاة الأجانب بالمغرب، وتعريب الأحكام، أصدر قانون المغربة بتاريخ 26يناير 1965م، والذس ينص على :
- توحيد القضاء: وضع حد لتعدد الجهات القضائية بالبلاد، وبالتالي إلغاء المحاكم العصرية والعبرية والشرعية فقد نص الفصل الاول من قانون 3 فبراير 1965 الخاص بالمغربة والتوحيد: (جميع المحاكم المغربية باستثناء المحكمة العسكرية والمحكمة العليا للعدل المنصوص عليها في الباا السابع من الدستور أصبحت موحدة بالمملكة المغربية بمقتضى هذا القانون).
- أكد الفصل الثاني من نفس القانون أن المحاكم الموحدة متألفة من محاكم السدد، محاكم إقليمية، محاكم استئناف ثم المجلس الأعلى.
- مغربة القضاء: نص الفصل الرابع من القانون (لا تمارس وظيفة قاض بمحاكم المملكة المغربية من لم يحصل على الجنسية المغربية).
- تعريب القضاء: الفصل الخامس (اللغة العربية هي وحدها لغة المداولات والمرافعات والاحكام في المحاكم المغربية).
الباب الثاني: المميزات العامة للنظام القضائي المغربي
القضاء هو مرفق عمومي، يتمتع بالاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وله مبادئ مرتبطة بحقوق وضمانات التقاضي.
الفصل الأول: القضاء مرفق عمومي:
فهو يؤدي خدمات عامة للمتقاضين، وهذا مل يجعله جهازا يتميز بالاستمرارية ويخضع بالتالي للمراقبة والتفتيش.
المبحث الأول: استمرارية القضاء كمرفق عمومي:
نص الفصل السابع من مرسوم 16 يوليوز 1974 الصادر بشأن تطبيق ظهير 15 يوليوز 1974 (قانون التنظيم القضائي) على أن "السنة القضائية تبتدأ في فاتح يناير وتنتهي في 31 دجنبر من كل سنة". من خلال هذا الفصل التشريعي يظهر أن المرفق العمومي يتميز بصفة الاستمرارية في العمل بدون توقف مراعاة لحاجة المواطنين.
ويتجلى هذا في القضايا المستعجلة إذ يمكن اللجوء إلى قاضي الامور المستعجلة وهو رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في أي ساعة من اليوم سواء في الليل أو النهار وحتى في أيام العطل الرسمية والأعياد.
المبحث الثاني: مراقبة وتفتيش جهاز القضاء:
إن مراقبة وتفتيش القضاء نص عليه الفصل 13 من ظهير 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي والهدف منه تقييم سير المحاكم والمصالح التابعة لها. وهذا لا ينافي حرية القاضي في اصدار الاحكام، لكن الهدف منه هو مراقبته من الناحية الادارية من حيث انضباطه بعقد الجلسات في الاوقات المعينة لها.
الفصل 14 يوضح أن هذا التفتيش يعهد إلى رؤساء محاكم الاستئناف والوكلاء العامين للملك ملزمون بتفتيش ومراقبة المحاكم التابعة لدائرة نفوذهم على الأقل مرة واحدة في السنة، ويرفعون تقريرا بوزير العدل حول نتائج هذا التفتيش.
الفصل الثاني: استقلال القضاء:
الحيلولة دون تدخل أي سلطة في اعمال القضاء، أو عرقلة مسيرته، أو شل آثار ما يصدره من أحكام.
المبحث الأول: وضعية القضاء المغربي في الدستور:
نص الدستور الجديد: - في الفصل 107 على انه "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية"
- حافظ على ارتباط القضاء بالمؤسسة الملكية من حيث أن الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية (الفقرة الثانية من الفصل 107) ومن حيث أن الأحكام تصدر وتنفذ باسم الملك، ومن حيث كون الملك هو رئيس المجلس الاعلى للسلطة القضائية وتعيين بعض أعضائه (الفصل 115) المجلس الأعلى له مهمة تكريس الضمانات المخولة للقضاة وخاصة المتعلقة باستقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم.
المبحث الثاني: النظام الاساسي لرجال القضاء (حسب ظهير 11 نونبر 1974)
القضاة في المغرب نوعان: قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة الذين يخضعون لسلطة وزير العدل ويشتركون حسب المادتين 13 و 14 في:
- أداء اليمين عن تسلم القاضي لمهامه.
- الالتزام والحفاظ على صفات الوقار والكرامة بما تقتضيه وظبفة القضاء.
- الامتناع عن أي شرط سياسي او نقابي.
- يمنع على القاضي مزاولة أي نشاط مهني أو تجاري بأجر أو بدونه (المادة15)، إلا لصالح التعليم وبقرار من وزير العدل.
- التصريح بممتلكاتهم وممتلكات أزواجهم وأبنائهم القاصرين، والاقامة بمقر المحكمة التي يشتغلون بها.
- المحافظة على السر المهني وعدم افشاء سرية المداولات او التحقيق
- يمنع عليهم إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون أن يسلموا أي كان نسخا أو معلومات عن الملفات التي تحت أيديهم(الفصل 19).
- يمنع عليهم النظر في قضية في طور الاستئناف او النقض اذا سبق له أن بث فيها في درجة أدنى.
أما فيما يخص الضمانات الممنوحة لهم:
1- تعيين القضاة وترقيتهم:
- عن طريق المباراة: أي تعيين الملحقون القضائيون (المواد 4-5-6-7 من القانون الاساسي لرجال القضاء)
أ- توفر الشخص على الاجازة في الحقوق
ب- اجتياز مباراة ولوج سلك القضاء
ت- اجتياز تدريب مهني بالمعهد العالي للقضاء مدته سنتين
ث- النجاح في امتحان نهاية التدريب
بعد ذلك يتم تعيينه بظهير باقتراح من المجلس الاعلى للسلطة القضائية
- التعيين المباشر: تتعلق ببعض الاشخاص أو ببعض الفئات التي تشتغل في المجال الحقوقي والقانوني. وتهم الاساتذة الجامعيين بكليات الحقوق الذين مارسوا التدريس في احدى مواد القانون الخاص لمدة 10 سنوات، وكذا المحامون الذين زاولوا مهمة الدفاع لمدة 15 سنة، ويعينون أيضا باقتراح من المجلس الاعلى للسلطة القضائية.
2- الحصانة القضائية (عدم القابلية للنقل والعزل): وهي خاصة بقضاة الاحكام ولا تشمل قضاة النيابة العامة حسب الفصل 8 من الدستور أنه "لا يعزل قضاة الاحكام ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون".
لكن يمكن نقل القاضي إما بناء على طلبه، او نتيجة ترقية، أو لتكليفه بمهام أعلى من درجته، أو بشكل تلقائي وفق ما تمليه المصلحة القضائية، أو نتيجة لعقوبة تأديبية.
أما بخصوص مساءلة وتأديب القاضي: فان المادة 58 من القانون الاساسي لرجال القضاء نصت على أنه: "يكون كل اخلال من القاضي بواجباته المهنية، أو بالشرف أو بالوقار او بالكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "
أما مقتضيات المواد من 59 إلى 63 من ق أ ر ق فانه لعزل أحد القضاة لابد من توافر مجموعة من الشروط
- ضرورة ارتكاب القاضي لخطأ فادح يترتب عرضه على المجلس التاديبي (المجلس الاعلى للسلطة القضائية)
- أن تكون العقوبة الملائمة للخطأ المرتكب هي العزل
- لا يحصل عزل القاضي إلا بناء على استشارة المجلس الاعلى للقضاء.
- لا يمكن عزل القاضي إلا بموجب ظهير ملكي
المجلس الاعلى للسلطة القضائية فانه يتكون حسب الدستور الجديد من : الملك – الرئيس الاول لمحكمة النقض – الوكيل العام للملك لمحكمة النقض – رئيس الغرفة الاولى لمحكمة النقض – أربعة ممثلين لقضاة محاكم الاستئناف – ستة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة –رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان – خمسة شخصيات يعينها الملك من بينهم عضو يقترحه الامين العام للمجلس العلمي الاعلى.
الفصل الثالث: المبادئ المرتبطة بحقوق وضمانات التقاضي
1- مبدأ المساواة أمام القضاء
يقصد به وجود نظام قضائي واحد يسود مجموع التراب الوطني؛ يخضع له جميع المواطنين والأجانب دون تمييز حسب جنسهم ودينهم. وقد تم تثبيت هذا المبدأ بعد صدور قانون المغربة والتوحيد والتعريب.
2 ـ مبدأ مجانية القضاء
يقوم على أسا قاعدة فقهية تقول بأن "العدالة تمنح بدون مقابل" يعني أن القضاة لا يتلقون مرتباتهم ومستحقاتهم من المتقاضين وإنما الدولة هي التي تقوم بذلك، غير أن ذلك لا يعفي المتقاضين من دفع رسوم قضائية تحدد قيمتها بحسب القانون إما بصورة جزافية أو بناء على نسبة معينة (لأن المجانية المطلقة تغري بكثرة اللجوء إلى القضاء) ، وهذه الرسوم القضائية يدفعها ابتداء من يلجأ أولا إلى القضاء، ويحكم بها أخيرا على من يخسر الدعوى، وهذا لا يتناقض مع مبدأ مجانية القضاء. هذه الرسوم محددة طبقا لما نصت عليه المادة 528 من قانون المسطرة المدنية.
-3 مبدأ المساعدة القضائية
يهدف هذا المبدأ إلى تمكين المتقاضين المعوزين من حقهم في التقاضي وذلك بإعفائهم من أداء الرسوم القضائية ويمكنهم أيضا من الحصول على محام للدفاع عنهم طبقا لمقتضيات المرسوم الملكي لـ 1 نونبر 1966.
كما تجدر الإشارة إلى أن الأجراء (العمال) يستفيدون من المساعدة القضائية بقوة القانون سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم طبقا لما نصت عليه المادة 237 من قانون المسطرة المدنية، أما ما عدا ذلك فإن نظام المساعدة القضائية يكون بناء على طلب وفق إجراءات وشروط خاصة.
-4 مبدأ حياد القاضي
أي أن القاضي ليست له أي علاقة أو مصلحة بالمتقاضين مدعين أو مدعى عليهم كما أكد ذلك الفصل 24 من ظهير 15 يوليوز 1974 أنه لا يمكن للأصهار والأزواج والأقارب إلى درجة العمومة والخؤولة أو أبناء الإخوة أن يكون بأي صفة قضاة في آن واحد بنفس المحكمة، كما لا يجوز لأي قاض يكون أحد أقاربه أو أصهاره إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء إخوة محاميا لأحد الأطراف أن ينظر في ذلك النزاع وإلا اعتبر الحكم أو القرار باطلا.
المبحث الرابع: حقوق الدفاع
يقصد بها مختلف الضمانات التي قررها النظام القضائي وقوانين المسطرة لصالح المتقاضين لعرض ادعاءاتهم أمام القضاء.
أولا: مبدأ الحق في حرية الدفاع: سماع أقوال المتقاضين وتقديم الحجج والوثائق التي تؤيدها، وإعطاء الخصوم الوقت للإدلاء بالأدلة المضادة أو القيام بإجراء خبرة أو تحقيق حفاظا على حق الخصم في الدفاع عن حقوقه. لكن يتم ذلك الآجال المحددة في قانون المسطرة.
ثانيا: الحق في علانية الجلسات: ويقصد بالعلنية؛ السماح للمواطنين بحضور جلسات المحاكم كما نصت عليه المادة 43 من ق م م التي جاء فيها أنه "تكون الجلسات علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك" كما هو الحال لما نصت عليه المادة 339 من نفس القانون فد أعطت للمحكمة الحق في "أن تأمر بعقدها بسرية إذا كانت علنيتها خطيرة بالنسبة للنظام العام أو الأخلاق الحميدة". وتجدر الإشارة إلى ان الاحكام يجب أن تصدر بصورة علنية وان ينص في صلبها على أنها صدرت علنية، حتى ولو كانت المرافعات قد تمت بشكل سري.
ثالثا: الحق في التقاضي على درجتين: إذ يسمح للمتقاضين باعادة طرح نزاعاتهم أمام محكمة ثانية أعلى درجة من الاولى، لتعيد النظر من جديد في النزاع لإصلاح مختلف الاخطاء الواقعية والقانونية التي يمكن أن تكون قد وقعت فيها محكمة الدرجة الاولى.(ما لم يكن الحكم انتهائيا غير قابل للإستئناف). وحق الطعن بالاستئناف منصوص عليه في المادة 134 من ق م م التي ورد فيها أن "استعمال الطعن بالاستئناف حق في جميع الاحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك"
الباب الثالث: النظام القضائي المغربي الحالي
مع اصدار ظهير 15 يوليوز 1974 تم إلغاء المحاكم التي كانت سائدة من قبل واحتفظ ببعض، كما أحدثت أخرى. وبذلك أصبح القضاء المغربي الحالي يشمل نوعين من المحاكم؛ الأولى تسمى بالمحاكم العادية (المحكمة الابتدائية كمحكمة الدرجة الاولى، ومحكمة الاستئناف ومحكمة النقض)، والثانية تدعى المحاكم المتخصصة كالمحاكم الادارية والتجارية.
1- المحاكم العادية
هي تلك المحاكم التي يتم التقاضي أمامها وفق شروط التقاضي العامة وهي المحكمة الابتدائية (كمحكمة الدرجة الأولى) ومحكمة الاستئناف والنقض.
1-2 المحاكم الابتدائية
تعد أساس النظام القضائي المغربي على إثر صدور قانون التنظيم القضائي في 15 يوليوز 1974، كما عرف تنظيمها الداخلي عدة تطورات خاصة مع إنشاء أقسام قضاء الأسرة 2004 وأقسام قضاء القرب أواخر 2011.
أولا: تنظيم المحكمة الابتدائية وسير العمل بها:
تتكون المحاكم الابتدائية من: رئاسة المحكمة والنيابة العامة والغرف وأقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب والغرفة الاستئنافية.
1- رئاسة المحكمة: يتكون هذه الجهاز من رئيس المحكمة الابتدائية، والقضاة الرسميين والنواب وهيئة لكتابة الضبط تتولى تسيير المصالح الإدارية للرئاسة، والرئيس المشرف الأول على المصالح الإدارية إلى جانب اختصاصاته القضائية.
2- النيابة العامة: يتكون هذا الجهاز من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب، وكتابة الضبط التي تتولى متابعة الإجراءات داخل المحكمة.
هي قضاء خاص مكلف بالدفاع عن مصالح المجتمع، فهي الممثلة للصالح العام والأمينة على مصلحة القانون، وتوصف بالقضاء الواقف، لأن أعضائها يؤدون أعمالهم وهم واقفون. وتعتبر كذلك من المؤسسات العضوية للقضاء الجنائي، وهي حاضرة أيضا في القضاء المدني وتمارس مهامها بطريقتين: طريقة الإدعاء والدفاع، وطريقة إبداء الرأي والتدخل، وهما طريقتين أطلق عليهما المشرع إسم (الطرف الرئيسي) و (الطرف المنضم).
3- الغرف: تنقسم المحاكم الابتدائية إلى عدة غرف(حسب نوع القضايا الرائجة فيها وحسب الأهمية الجغرافية والاقتصادية لدائرة كل محكمة): غرف مدنية، عقارية، زجرية... وكل غرفة تضم قاضيا واحدا أو عدة قضاة.
لكل محكمة ابتدائية جمعية عامة تتكون من جميع القضاة العاملين بها، تتولى تقسيم الغرف، وتنعقد في النصف الأول من شهر دجنبر من كل سنة.
4- أقسام قضاء الأسرة: (مدونة الأسرة 2004) تختص بالنظر في قضايا الأسرة وحدها، وتشمل على أجهزة قضائية متعددة ومختلفة (محكمة الموضوع أو الحكم ومؤسسة قاضي التوثيق وشؤون القاصرين، ومؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج، ومؤسسة النيابة العامة).
5- أقسام قضاء القرب: تم إحداثها بمقتضى القانون رقم 10-34 الصادر بتاريخ 17 غشت 2011، من أجل أن تتولى ممارسة المهان التي كانت مسندة لمحاكم الجماعات والمقاطعات التي جاء بها التنظيم القضائي لسنة 1974 وتم إلغائها حاليا.
للأقسام القرب مجموعة من الاختصاصات:
• المادة 10 ق 42.10 أكدت بأن قاضي القرب له اختصاص النظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز 5000 درهم وليس له الاختصاص بالنظر في القضايا الأسرية والعقار والقضايا الاجتماعية والافراغات.
• المادة 6 ق 42.10 أكدت على أن مسطرة التقاضي تكون شفوية ومجانية ومعفاة من الرسوم القضائية (نفس المسطرة كان معمولا بها م.ج.م)
• المادة 7 ق 42.10 في فقرتها 3 تنص على أنه "إذا صدر الحكم بحضور الأطراف تم التنصيص على ذلك في محضر الجلسة، ويشعر القاضي الأطراف بحقهم في طلب الإلغاء وفق الشروط وداخل الآجال المنصوص عليها في المادتين 8 و9 بعده، ولا يعتبر بمثابة تبليغ إلا إذا تم تسليم نسخة الحكم بالجلسة، وتم التوقيع على ذلك" (وبذلك فإن المشرع حقق ضمان فعالية أحكام أقسام قضاء القرب، ما دام أن المشرع قد فرض على قاضي القرب ضرورة تحرير أحكامه قبل النطق بها وتسليم نسخ منها إلى المعنيين داخل الآجال المعينة قانونا أو داخل الجلسة).
• تعتبر مسطرة الصلح من الإجراءات الوجودية في أقسام قضاء القرب، إذ أن المشرع ألزم القاضي بضرورة القيام بها لإنهاء النزاع الحاصل بين الأطراف، وأي حكم يصدره بدون إثبات قيامه لمسطرة الصلح يعتبر حكما لاغيا وهو ما أكدته المادتين 9 و 12 من قانون 42.10.
• المادة 8 ق 42.10 أجازت الطعن في أحكام قضاء القرب بشرط أن يكون موضوع الطعن هو إلغاء الحكم فقط وأن تتوفر أحد الشروط :
1- إذا لم يحترم قاضي القرب اختصاصه النوعي أو القيمي
2- إذا لم يجر محاولة الصلح المنصوص عليها في المادة 12.
3- إذا بث القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو أغفل البت في أحد الطلبات.
4- إذا بت رغم أن أحد الأطراف قد جرحه عن حق.
5- إذا بت جون أن يتحقق مسبقا من هوية الأطراف.
6- إذا وجد تناقض بين أجزاء الحكم.
7- إذا حكم على المدعى عليه أو المتهم دون أن تكون له الحجة على أنه توصل بالتبليغ أو الاستدعاء.
8- إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى
وطلب إلغاء الحكم يقدم إلى رئيس المحكمة الابتدائية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ تبليغ الحكم للمحكوم عليه، والرئيس يبت في الطلب في أجل شهر وحكمه يكون باتا لا يقبل أي طعن.
6- الغرفة الاستئنافية: جهاز جديد أحدث داخل المحكمة الابتدائية على إثر التعديلات الجديدة لسنة 2011 مهمتها البت في بعض الاستئنافات التي رفعت إليها ضد الاحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية، والتي لا تتجاوز قيمتها 20.000 درهم.
والغاية من إحداث هذه الغرفة بالمحاكم الاستئنافية هي : تقريب القضاء من المتقاضين، وذلك بتمكينهم من ممارسة حق الاستئناف دون ضرورة التنقل إلى محاكم الاستئناف التي لا تزال قليلة العدد ولا توجد إلا بالحواضر الكبرى للمملكة.
ثانيا: اختصاصات المحكمة الابتدائية:
المحكمة الابتدائية هي محكمة الولاية العامة، إذ تختص في جميع الدعاوى التي لم تعط أي نص قانوني النظر فيها لمحكمة أخرى.
والتعديلات الجديدة لسنة 2011، منحت م.الابتدائية اختصاص آخر، إذ جعلت منها درجة استئنافية في بعض القضايا الصادرة عنها، كما أعطت لها امكانية تقسيم هذه المحاكم إلى ثلاثة أنواع: مدنية واجتماعية وزجرية.
- تقسم م.إ المدنية: إلى أقسام قضاء الاسرة وغرف مدنية وغرف تجارية وغرف عقارية.
- وتقسم م.إ الاجتماعية إلى: أقسام قضاء الاسرة وغرف حوادث الشغل والأمراض المهنية وغرف نزاعات الشغل.
- أما م.إ الزجرية فتقسم إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير وغرف قضاء الأحداث.
ويمكن اجمال الاختصاصات م.الابتدائية إلى 3 : الاختصاص الابتدائي والاستئنافي والاختصاصات المخولة لرئيس م.الابتدائية.
1- الاختصاص الابتدائي للمحكمة الابتدائية:
يعتبر الدور الرئيسي للمحكمة الابتدائية كمحكمة درجة أولى. حسب ق 10-35 ف19م.م تختص م.الابتدائية بالنظر:
• ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف أمام غرف الاستئناف بالمحاكم الابتدائية إلى غاية 20.000 درهم.
• ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف أمام محاكم الاستئناف في جميع الطلبات التي تتجاوز20.000 درهم.(الفصل 12)
يتضخ أن قاعدة النصاب صارت تميز بين غرفة الاستئناف بالمحكمة إ ومحكمة الاستئناف، بعدما كانت تميز من قبل بين الاختصاصين الابتدائي(القابل للاستئناف) والانتهائي. فحسب هذا الفصل أصبحت الأحكام الصادرة عن م.إ قابلة دائما للاستئناف حسب ما تقل قيمتها عن 20.000 درهم أو تتجاوزه. أما بشأن الطلبات غير المحددة فالأحكام بشأنها قابلة للاستئناف. ويكون الطلب غير محدد القيمة إما لأنه طلب مؤسس على مصلحة معنوية او مرتبط بحالة الأشخاص وأهليتهم كدعوى الحالة المدنية والتصريح بالموت أو الغياب أو لأنه يهدف إلى الحصول على مصلحة مادية يصعب تحديد قيمتها المالية لأنها غير قابلة لتقدير كطلب الإفراغ .
2- الاختصاص الاستئنافي للمحكمة الابتدائية:
بمقتضى قانون 10-35 أصبحت م.إ مرجع استئنافيا، تستأنف لديها بعض الأحكام الصادرة عنها، والتي تقل قيمتها المالية عن 20.000.
غرف الاستئناف بالمحاكم الابتدائية تملك نفس صلاحيات محاكم الاستئناف كإمكانية إلغاء حكم أو تعديله أو ممارسة حق التصدي لموضوع النزاع عند توفر شروطه.
3- اختصاصات رئيس المحكمة:
له مجموعة من الاختصاصات يمارسها وحده والمسندة إليه بنصوص خاصة وهو ما يطلق عليه بالقضاء الرآسي أو محكمة الرئيس:
• الاختصاص الاستعجالي
• إصدار أوامر الأداء
• البث في الأوامر المبنية على طلب.
أ- اختصاص الرئيس في البث في القضايا المستعجلة:
القضاء المستعجل يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس أصل الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين.
فهو يقوم علة إسعاف الخصوم بأحكام سريعة في قضاياهم التي لا تتحمل التأخير ولا تحتمل إجراءات المسطرة العادية.
أولا: القواعد الموضوعية للقضاء المستعجل: تتمثل في شرطين رئيسين: الاستعجال وعدم المساس بالموضوع.
1- شرط الاستعجال: نص ف 149م.م في فقرته الأولى على أنه "يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده في البث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال".
إلا أن عنصر الاستعجال يختلف عن النظر في الدعوى على وجه السرعة، فكثيرا ما يؤكد المشرع على ضرورة النظر في الدعوى على "وجه الاستعجال" أو "بدون تأخير" فهذه المصطلحات التشريعية وغيرها غاياتها هو حث القاصي على الإسراع وتقصير مواعيد التقاضي أمام القضاء العادي وليس بمسطرة الاستعجال.
2- شرط عدم المساس بالموضوع: نص ف 152م.م على أنه "لا تبث الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر" فالأحكام الاستعجالية تقوم على الحماية المؤقتة للحق ودفع الخطر عنه، وليست مهمة رئيس المحكمة الابتدائية حق الفصل في موضوع النزاع. فيمنع عليه المساس بأصل الحقوق مهما أحاط بها من استعجال، فإذا رفعت إليه طلبات كإثبات الملكية، او طلب تقرير صحة عقد أو فسخه... فيجب عليه أن يصرح بعدم اختصاصه (اختصاص قاضي الموضوع). كما أن له الحق في الاطلاع على الوثائق الخاصة بالطرفين ليعرف النزاع وما يرجع لاختصاصه من عدمه فيه.
ثانيا: القواعد الاجمالية للقضاء المستعجل: القضاء الاستعجالي قضاء غير عادي له قواعده الاجرائية الخاصة به:
1- مسطرة القضاء الاستعجالي: هي مسطرة تتميز بالبساطة لا تحتمل تعقيدات المسطرة العادية، ويظهر هذا من خلال:
أ- طريقة تقديم الدعوى الاستعجالية: ف 150 م.م سمح بتقديم الدعوى الاستعجالية إمل لدى كتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة طيلة أيام الأسبوع وحتى في أيام الأعياد والعطل، بل إنه بالإمكان اللجوء إلى قاضي المستعجلات في بيته من أجل الحصول على أقرب جلسة للنظر في النزاع.
ب- كيفية البت في الدعوى الاستعجالية: مسطرة البت في الدعوى الاستعجالية تتسم بالسرعة وهو ما أكد عليه المشرع من خلال مواد (150-151) من ق م.م، ويمكن البت في غيبة الأطراف إذا كانت حالة الاستعجال القصوى.
2- خصائص الأحكام الاستعجالية: بما أنه قضاء لا يتدخل إلا في حالة الاستعجال وبعيدا عن النزاع، فيتميز بثلاثة خصائص:
• صفة التوقيت: تعني أن الحكم الاستعجالي هو حكم غير قطعي، لأنه لم يفصل في جوهر النزاع من جهة، ولا يلزم قاضي الموضوع عند النظر في جوهر النزاع.
• النفاذ المعجل للحكم الاستعجالي: خاصية أكدت عليها الفقرة الاولى ف153 "تكون الاوامر الاستعجالية مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون ويمكن للقاضي مع ذلك أن يقيد التنفيذ بتقديم الكفالة" (لا ضرورة لطلبه من المحكمة ).
• طابع الحضورية: أن الاحكام الاستعجالية لا تقبل الطعن بالتعرض
أقدم إليكم تلخيص لمادة التنظيم القضائي لجليلة إدريس
---------------------------------------
المحور الأول:السياق التاريخي للقضاء
1- القضاء في الإسلام
مر المغرب في مساره التاريخي بمنعطفات حاسمة كان لها الأثر في شتى الميادين منها نظامه القضائي حيث أسهمت في إعادة بنائه وتشكيل مضامينه على أسس جديدة ووفق مرجعيات مختلفة عن تلك التي كانت متأصلة لديه قبل أن تفرض عليه الحماية .
من خصائص القضاء في الإسلام الاعتماد على أحكام الشريعة الإسلامية من جميع المستويات، و الالتزام بقواعد الأخلاق والموضوعية في الأحكام، والابتعاد عن الشكليات، إضافة إلى مجانية القضاء والعدالة المطلقة. كما كان القضاء يتشكل من أربع جهات قضائية هي القضاء العادي، قضاء الحسبة، قضاء المظالم ثم قضاء العسكر.
2- القضاء المغربي قبل الحماية 1912
- القضاء الشرعي: كان يتولاه القاضي الشرعي ممثل السلطان أمير المؤمنين. ينظر في نزاعات المسلمين وقضاياهم المدنية والتجارية والأسرية ماعدا القضايا المتعلقة بالجنايات والجنح. يطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن والسنة وما جرى به العمل في المذهب المالكي. لا يقبل الطعن فيه.
- القضاء المخزني: تم إحداثه تكريس لسلطة الباشا أو القائد في مجال الفصل في المنازعات بين المغاربة في القضايا المدنية والجنائية لتتوسع لتشمل القضايا التجارية التي لم يكن ينظر بشأنها القضاء الشرعي.( قضاء تعسفي) لأنه يستند إلى الاجتهاد الشخصي للباشا أو القائد ولم يكن ملتزما بتطبيق أي قانون محدد.
- القضاء العبري: أسندت له مهمة الفصل في القضايا الخاصة بالأحوال الشخصية والميراث لليهود المغاربة.يتكون من 3أحبار يهود.
- المحاكم القنصلية: أنشأت للنظر في القضايا الخاصة بالأجانب
3- التنظيم القضائي المغربي خلال مرحلة الحماية
اختلف التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري.وهي كالتالي:
* القضاء بالمنطقة الجنوبية :
تميز هذا التنظيم بالمحافظة على المحاكم الشرعية (نظام فردي)، المحاكم المخزنية والمحاكم العبرية، لكنه تم إلغاء المحاكم القنصلية، كما تم استحداث محاكم جديدة هي المحاكم العرفية والمحاكم العصرية ومحكمة الاستئناف الشرعي( نظام جماعي).
* التنظيم القضائي بالمنطقة الشمالية أوالخليفية
انتظم العمل القضائي بهذه المنطقة بأربع جهات هي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم الاسبانية الخليفية ( كانت تتألف من محاكم الصلح، محاكم ابتدائية ومحكمة الاستئناف بتطوان).
* القضاء بمنطقة طنجة الدولية
نصت الاتفاقية الفرنسية-الاسبانية مع بريطانيا في دجنبر 1922م ـ في فصلها الثامن والأربعون ـ على إحداث محكمة دولية مختلطة يعهد إليها بتنظيم شؤون العدل بطنجة بالنسبة للأجانب والمحميين المغاربة، ومن مميزات هذه المحكمة أن أحكامها لم تكن قابلة للنقض. ثم صدر ظهير في 10يونيو 1953م نظم القضاء في عدة أنواع من المحاكم هي : محكمة الصلح، محكمة ابتدائية، محكمة استئناف ومحكمة الجنايات.
4- القضاء بعد الحصول على الاستقلال
بعد حصول المغرب على الاستقلال عمل المشرع المغربي على الغاء المحاكم العرفية والمخزنية وأحدث بالمقابل محاكم جديدة منها المحاكم العادية والعصرية ومحاكم الشغل والمجلس الأعلى.
5- النظام القضائي بالمغرب بعد صدور قانون التوحيد والمغربة والتعريب بتاريخ 26 يناير 1965
رغبة في الحد من دور القضاة الأجانب بالمغرب، وتعريب الأحكام، أصدر قانون المغربة بتاريخ 26يناير 1965م، والذس ينص على :
- توحيد القضاء: وضع حد لتعدد الجهات القضائية بالبلاد، وبالتالي إلغاء المحاكم العصرية والعبرية والشرعية فقد نص الفصل الاول من قانون 3 فبراير 1965 الخاص بالمغربة والتوحيد: (جميع المحاكم المغربية باستثناء المحكمة العسكرية والمحكمة العليا للعدل المنصوص عليها في الباا السابع من الدستور أصبحت موحدة بالمملكة المغربية بمقتضى هذا القانون).
- أكد الفصل الثاني من نفس القانون أن المحاكم الموحدة متألفة من محاكم السدد، محاكم إقليمية، محاكم استئناف ثم المجلس الأعلى.
- مغربة القضاء: نص الفصل الرابع من القانون (لا تمارس وظيفة قاض بمحاكم المملكة المغربية من لم يحصل على الجنسية المغربية).
- تعريب القضاء: الفصل الخامس (اللغة العربية هي وحدها لغة المداولات والمرافعات والاحكام في المحاكم المغربية).
الباب الثاني: المميزات العامة للنظام القضائي المغربي
القضاء هو مرفق عمومي، يتمتع بالاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وله مبادئ مرتبطة بحقوق وضمانات التقاضي.
الفصل الأول: القضاء مرفق عمومي:
فهو يؤدي خدمات عامة للمتقاضين، وهذا مل يجعله جهازا يتميز بالاستمرارية ويخضع بالتالي للمراقبة والتفتيش.
المبحث الأول: استمرارية القضاء كمرفق عمومي:
نص الفصل السابع من مرسوم 16 يوليوز 1974 الصادر بشأن تطبيق ظهير 15 يوليوز 1974 (قانون التنظيم القضائي) على أن "السنة القضائية تبتدأ في فاتح يناير وتنتهي في 31 دجنبر من كل سنة". من خلال هذا الفصل التشريعي يظهر أن المرفق العمومي يتميز بصفة الاستمرارية في العمل بدون توقف مراعاة لحاجة المواطنين.
ويتجلى هذا في القضايا المستعجلة إذ يمكن اللجوء إلى قاضي الامور المستعجلة وهو رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في أي ساعة من اليوم سواء في الليل أو النهار وحتى في أيام العطل الرسمية والأعياد.
المبحث الثاني: مراقبة وتفتيش جهاز القضاء:
إن مراقبة وتفتيش القضاء نص عليه الفصل 13 من ظهير 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي والهدف منه تقييم سير المحاكم والمصالح التابعة لها. وهذا لا ينافي حرية القاضي في اصدار الاحكام، لكن الهدف منه هو مراقبته من الناحية الادارية من حيث انضباطه بعقد الجلسات في الاوقات المعينة لها.
الفصل 14 يوضح أن هذا التفتيش يعهد إلى رؤساء محاكم الاستئناف والوكلاء العامين للملك ملزمون بتفتيش ومراقبة المحاكم التابعة لدائرة نفوذهم على الأقل مرة واحدة في السنة، ويرفعون تقريرا بوزير العدل حول نتائج هذا التفتيش.
الفصل الثاني: استقلال القضاء:
الحيلولة دون تدخل أي سلطة في اعمال القضاء، أو عرقلة مسيرته، أو شل آثار ما يصدره من أحكام.
المبحث الأول: وضعية القضاء المغربي في الدستور:
نص الدستور الجديد: - في الفصل 107 على انه "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية"
- حافظ على ارتباط القضاء بالمؤسسة الملكية من حيث أن الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية (الفقرة الثانية من الفصل 107) ومن حيث أن الأحكام تصدر وتنفذ باسم الملك، ومن حيث كون الملك هو رئيس المجلس الاعلى للسلطة القضائية وتعيين بعض أعضائه (الفصل 115) المجلس الأعلى له مهمة تكريس الضمانات المخولة للقضاة وخاصة المتعلقة باستقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم.
المبحث الثاني: النظام الاساسي لرجال القضاء (حسب ظهير 11 نونبر 1974)
القضاة في المغرب نوعان: قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة الذين يخضعون لسلطة وزير العدل ويشتركون حسب المادتين 13 و 14 في:
- أداء اليمين عن تسلم القاضي لمهامه.
- الالتزام والحفاظ على صفات الوقار والكرامة بما تقتضيه وظبفة القضاء.
- الامتناع عن أي شرط سياسي او نقابي.
- يمنع على القاضي مزاولة أي نشاط مهني أو تجاري بأجر أو بدونه (المادة15)، إلا لصالح التعليم وبقرار من وزير العدل.
- التصريح بممتلكاتهم وممتلكات أزواجهم وأبنائهم القاصرين، والاقامة بمقر المحكمة التي يشتغلون بها.
- المحافظة على السر المهني وعدم افشاء سرية المداولات او التحقيق
- يمنع عليهم إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون أن يسلموا أي كان نسخا أو معلومات عن الملفات التي تحت أيديهم(الفصل 19).
- يمنع عليهم النظر في قضية في طور الاستئناف او النقض اذا سبق له أن بث فيها في درجة أدنى.
أما فيما يخص الضمانات الممنوحة لهم:
1- تعيين القضاة وترقيتهم:
- عن طريق المباراة: أي تعيين الملحقون القضائيون (المواد 4-5-6-7 من القانون الاساسي لرجال القضاء)
أ- توفر الشخص على الاجازة في الحقوق
ب- اجتياز مباراة ولوج سلك القضاء
ت- اجتياز تدريب مهني بالمعهد العالي للقضاء مدته سنتين
ث- النجاح في امتحان نهاية التدريب
بعد ذلك يتم تعيينه بظهير باقتراح من المجلس الاعلى للسلطة القضائية
- التعيين المباشر: تتعلق ببعض الاشخاص أو ببعض الفئات التي تشتغل في المجال الحقوقي والقانوني. وتهم الاساتذة الجامعيين بكليات الحقوق الذين مارسوا التدريس في احدى مواد القانون الخاص لمدة 10 سنوات، وكذا المحامون الذين زاولوا مهمة الدفاع لمدة 15 سنة، ويعينون أيضا باقتراح من المجلس الاعلى للسلطة القضائية.
2- الحصانة القضائية (عدم القابلية للنقل والعزل): وهي خاصة بقضاة الاحكام ولا تشمل قضاة النيابة العامة حسب الفصل 8 من الدستور أنه "لا يعزل قضاة الاحكام ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون".
لكن يمكن نقل القاضي إما بناء على طلبه، او نتيجة ترقية، أو لتكليفه بمهام أعلى من درجته، أو بشكل تلقائي وفق ما تمليه المصلحة القضائية، أو نتيجة لعقوبة تأديبية.
أما بخصوص مساءلة وتأديب القاضي: فان المادة 58 من القانون الاساسي لرجال القضاء نصت على أنه: "يكون كل اخلال من القاضي بواجباته المهنية، أو بالشرف أو بالوقار او بالكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية "
أما مقتضيات المواد من 59 إلى 63 من ق أ ر ق فانه لعزل أحد القضاة لابد من توافر مجموعة من الشروط
- ضرورة ارتكاب القاضي لخطأ فادح يترتب عرضه على المجلس التاديبي (المجلس الاعلى للسلطة القضائية)
- أن تكون العقوبة الملائمة للخطأ المرتكب هي العزل
- لا يحصل عزل القاضي إلا بناء على استشارة المجلس الاعلى للقضاء.
- لا يمكن عزل القاضي إلا بموجب ظهير ملكي
المجلس الاعلى للسلطة القضائية فانه يتكون حسب الدستور الجديد من : الملك – الرئيس الاول لمحكمة النقض – الوكيل العام للملك لمحكمة النقض – رئيس الغرفة الاولى لمحكمة النقض – أربعة ممثلين لقضاة محاكم الاستئناف – ستة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة –رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان – خمسة شخصيات يعينها الملك من بينهم عضو يقترحه الامين العام للمجلس العلمي الاعلى.
الفصل الثالث: المبادئ المرتبطة بحقوق وضمانات التقاضي
1- مبدأ المساواة أمام القضاء
يقصد به وجود نظام قضائي واحد يسود مجموع التراب الوطني؛ يخضع له جميع المواطنين والأجانب دون تمييز حسب جنسهم ودينهم. وقد تم تثبيت هذا المبدأ بعد صدور قانون المغربة والتوحيد والتعريب.
2 ـ مبدأ مجانية القضاء
يقوم على أسا قاعدة فقهية تقول بأن "العدالة تمنح بدون مقابل" يعني أن القضاة لا يتلقون مرتباتهم ومستحقاتهم من المتقاضين وإنما الدولة هي التي تقوم بذلك، غير أن ذلك لا يعفي المتقاضين من دفع رسوم قضائية تحدد قيمتها بحسب القانون إما بصورة جزافية أو بناء على نسبة معينة (لأن المجانية المطلقة تغري بكثرة اللجوء إلى القضاء) ، وهذه الرسوم القضائية يدفعها ابتداء من يلجأ أولا إلى القضاء، ويحكم بها أخيرا على من يخسر الدعوى، وهذا لا يتناقض مع مبدأ مجانية القضاء. هذه الرسوم محددة طبقا لما نصت عليه المادة 528 من قانون المسطرة المدنية.
-3 مبدأ المساعدة القضائية
يهدف هذا المبدأ إلى تمكين المتقاضين المعوزين من حقهم في التقاضي وذلك بإعفائهم من أداء الرسوم القضائية ويمكنهم أيضا من الحصول على محام للدفاع عنهم طبقا لمقتضيات المرسوم الملكي لـ 1 نونبر 1966.
كما تجدر الإشارة إلى أن الأجراء (العمال) يستفيدون من المساعدة القضائية بقوة القانون سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم طبقا لما نصت عليه المادة 237 من قانون المسطرة المدنية، أما ما عدا ذلك فإن نظام المساعدة القضائية يكون بناء على طلب وفق إجراءات وشروط خاصة.
-4 مبدأ حياد القاضي
أي أن القاضي ليست له أي علاقة أو مصلحة بالمتقاضين مدعين أو مدعى عليهم كما أكد ذلك الفصل 24 من ظهير 15 يوليوز 1974 أنه لا يمكن للأصهار والأزواج والأقارب إلى درجة العمومة والخؤولة أو أبناء الإخوة أن يكون بأي صفة قضاة في آن واحد بنفس المحكمة، كما لا يجوز لأي قاض يكون أحد أقاربه أو أصهاره إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء إخوة محاميا لأحد الأطراف أن ينظر في ذلك النزاع وإلا اعتبر الحكم أو القرار باطلا.
المبحث الرابع: حقوق الدفاع
يقصد بها مختلف الضمانات التي قررها النظام القضائي وقوانين المسطرة لصالح المتقاضين لعرض ادعاءاتهم أمام القضاء.
أولا: مبدأ الحق في حرية الدفاع: سماع أقوال المتقاضين وتقديم الحجج والوثائق التي تؤيدها، وإعطاء الخصوم الوقت للإدلاء بالأدلة المضادة أو القيام بإجراء خبرة أو تحقيق حفاظا على حق الخصم في الدفاع عن حقوقه. لكن يتم ذلك الآجال المحددة في قانون المسطرة.
ثانيا: الحق في علانية الجلسات: ويقصد بالعلنية؛ السماح للمواطنين بحضور جلسات المحاكم كما نصت عليه المادة 43 من ق م م التي جاء فيها أنه "تكون الجلسات علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك" كما هو الحال لما نصت عليه المادة 339 من نفس القانون فد أعطت للمحكمة الحق في "أن تأمر بعقدها بسرية إذا كانت علنيتها خطيرة بالنسبة للنظام العام أو الأخلاق الحميدة". وتجدر الإشارة إلى ان الاحكام يجب أن تصدر بصورة علنية وان ينص في صلبها على أنها صدرت علنية، حتى ولو كانت المرافعات قد تمت بشكل سري.
ثالثا: الحق في التقاضي على درجتين: إذ يسمح للمتقاضين باعادة طرح نزاعاتهم أمام محكمة ثانية أعلى درجة من الاولى، لتعيد النظر من جديد في النزاع لإصلاح مختلف الاخطاء الواقعية والقانونية التي يمكن أن تكون قد وقعت فيها محكمة الدرجة الاولى.(ما لم يكن الحكم انتهائيا غير قابل للإستئناف). وحق الطعن بالاستئناف منصوص عليه في المادة 134 من ق م م التي ورد فيها أن "استعمال الطعن بالاستئناف حق في جميع الاحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك"
الباب الثالث: النظام القضائي المغربي الحالي
مع اصدار ظهير 15 يوليوز 1974 تم إلغاء المحاكم التي كانت سائدة من قبل واحتفظ ببعض، كما أحدثت أخرى. وبذلك أصبح القضاء المغربي الحالي يشمل نوعين من المحاكم؛ الأولى تسمى بالمحاكم العادية (المحكمة الابتدائية كمحكمة الدرجة الاولى، ومحكمة الاستئناف ومحكمة النقض)، والثانية تدعى المحاكم المتخصصة كالمحاكم الادارية والتجارية.
1- المحاكم العادية
هي تلك المحاكم التي يتم التقاضي أمامها وفق شروط التقاضي العامة وهي المحكمة الابتدائية (كمحكمة الدرجة الأولى) ومحكمة الاستئناف والنقض.
1-2 المحاكم الابتدائية
تعد أساس النظام القضائي المغربي على إثر صدور قانون التنظيم القضائي في 15 يوليوز 1974، كما عرف تنظيمها الداخلي عدة تطورات خاصة مع إنشاء أقسام قضاء الأسرة 2004 وأقسام قضاء القرب أواخر 2011.
أولا: تنظيم المحكمة الابتدائية وسير العمل بها:
تتكون المحاكم الابتدائية من: رئاسة المحكمة والنيابة العامة والغرف وأقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب والغرفة الاستئنافية.
1- رئاسة المحكمة: يتكون هذه الجهاز من رئيس المحكمة الابتدائية، والقضاة الرسميين والنواب وهيئة لكتابة الضبط تتولى تسيير المصالح الإدارية للرئاسة، والرئيس المشرف الأول على المصالح الإدارية إلى جانب اختصاصاته القضائية.
2- النيابة العامة: يتكون هذا الجهاز من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب، وكتابة الضبط التي تتولى متابعة الإجراءات داخل المحكمة.
هي قضاء خاص مكلف بالدفاع عن مصالح المجتمع، فهي الممثلة للصالح العام والأمينة على مصلحة القانون، وتوصف بالقضاء الواقف، لأن أعضائها يؤدون أعمالهم وهم واقفون. وتعتبر كذلك من المؤسسات العضوية للقضاء الجنائي، وهي حاضرة أيضا في القضاء المدني وتمارس مهامها بطريقتين: طريقة الإدعاء والدفاع، وطريقة إبداء الرأي والتدخل، وهما طريقتين أطلق عليهما المشرع إسم (الطرف الرئيسي) و (الطرف المنضم).
3- الغرف: تنقسم المحاكم الابتدائية إلى عدة غرف(حسب نوع القضايا الرائجة فيها وحسب الأهمية الجغرافية والاقتصادية لدائرة كل محكمة): غرف مدنية، عقارية، زجرية... وكل غرفة تضم قاضيا واحدا أو عدة قضاة.
لكل محكمة ابتدائية جمعية عامة تتكون من جميع القضاة العاملين بها، تتولى تقسيم الغرف، وتنعقد في النصف الأول من شهر دجنبر من كل سنة.
4- أقسام قضاء الأسرة: (مدونة الأسرة 2004) تختص بالنظر في قضايا الأسرة وحدها، وتشمل على أجهزة قضائية متعددة ومختلفة (محكمة الموضوع أو الحكم ومؤسسة قاضي التوثيق وشؤون القاصرين، ومؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج، ومؤسسة النيابة العامة).
5- أقسام قضاء القرب: تم إحداثها بمقتضى القانون رقم 10-34 الصادر بتاريخ 17 غشت 2011، من أجل أن تتولى ممارسة المهان التي كانت مسندة لمحاكم الجماعات والمقاطعات التي جاء بها التنظيم القضائي لسنة 1974 وتم إلغائها حاليا.
للأقسام القرب مجموعة من الاختصاصات:
• المادة 10 ق 42.10 أكدت بأن قاضي القرب له اختصاص النظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز 5000 درهم وليس له الاختصاص بالنظر في القضايا الأسرية والعقار والقضايا الاجتماعية والافراغات.
• المادة 6 ق 42.10 أكدت على أن مسطرة التقاضي تكون شفوية ومجانية ومعفاة من الرسوم القضائية (نفس المسطرة كان معمولا بها م.ج.م)
• المادة 7 ق 42.10 في فقرتها 3 تنص على أنه "إذا صدر الحكم بحضور الأطراف تم التنصيص على ذلك في محضر الجلسة، ويشعر القاضي الأطراف بحقهم في طلب الإلغاء وفق الشروط وداخل الآجال المنصوص عليها في المادتين 8 و9 بعده، ولا يعتبر بمثابة تبليغ إلا إذا تم تسليم نسخة الحكم بالجلسة، وتم التوقيع على ذلك" (وبذلك فإن المشرع حقق ضمان فعالية أحكام أقسام قضاء القرب، ما دام أن المشرع قد فرض على قاضي القرب ضرورة تحرير أحكامه قبل النطق بها وتسليم نسخ منها إلى المعنيين داخل الآجال المعينة قانونا أو داخل الجلسة).
• تعتبر مسطرة الصلح من الإجراءات الوجودية في أقسام قضاء القرب، إذ أن المشرع ألزم القاضي بضرورة القيام بها لإنهاء النزاع الحاصل بين الأطراف، وأي حكم يصدره بدون إثبات قيامه لمسطرة الصلح يعتبر حكما لاغيا وهو ما أكدته المادتين 9 و 12 من قانون 42.10.
• المادة 8 ق 42.10 أجازت الطعن في أحكام قضاء القرب بشرط أن يكون موضوع الطعن هو إلغاء الحكم فقط وأن تتوفر أحد الشروط :
1- إذا لم يحترم قاضي القرب اختصاصه النوعي أو القيمي
2- إذا لم يجر محاولة الصلح المنصوص عليها في المادة 12.
3- إذا بث القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو أغفل البت في أحد الطلبات.
4- إذا بت رغم أن أحد الأطراف قد جرحه عن حق.
5- إذا بت جون أن يتحقق مسبقا من هوية الأطراف.
6- إذا وجد تناقض بين أجزاء الحكم.
7- إذا حكم على المدعى عليه أو المتهم دون أن تكون له الحجة على أنه توصل بالتبليغ أو الاستدعاء.
8- إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى
وطلب إلغاء الحكم يقدم إلى رئيس المحكمة الابتدائية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ تبليغ الحكم للمحكوم عليه، والرئيس يبت في الطلب في أجل شهر وحكمه يكون باتا لا يقبل أي طعن.
6- الغرفة الاستئنافية: جهاز جديد أحدث داخل المحكمة الابتدائية على إثر التعديلات الجديدة لسنة 2011 مهمتها البت في بعض الاستئنافات التي رفعت إليها ضد الاحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية، والتي لا تتجاوز قيمتها 20.000 درهم.
والغاية من إحداث هذه الغرفة بالمحاكم الاستئنافية هي : تقريب القضاء من المتقاضين، وذلك بتمكينهم من ممارسة حق الاستئناف دون ضرورة التنقل إلى محاكم الاستئناف التي لا تزال قليلة العدد ولا توجد إلا بالحواضر الكبرى للمملكة.
ثانيا: اختصاصات المحكمة الابتدائية:
المحكمة الابتدائية هي محكمة الولاية العامة، إذ تختص في جميع الدعاوى التي لم تعط أي نص قانوني النظر فيها لمحكمة أخرى.
والتعديلات الجديدة لسنة 2011، منحت م.الابتدائية اختصاص آخر، إذ جعلت منها درجة استئنافية في بعض القضايا الصادرة عنها، كما أعطت لها امكانية تقسيم هذه المحاكم إلى ثلاثة أنواع: مدنية واجتماعية وزجرية.
- تقسم م.إ المدنية: إلى أقسام قضاء الاسرة وغرف مدنية وغرف تجارية وغرف عقارية.
- وتقسم م.إ الاجتماعية إلى: أقسام قضاء الاسرة وغرف حوادث الشغل والأمراض المهنية وغرف نزاعات الشغل.
- أما م.إ الزجرية فتقسم إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير وغرف قضاء الأحداث.
ويمكن اجمال الاختصاصات م.الابتدائية إلى 3 : الاختصاص الابتدائي والاستئنافي والاختصاصات المخولة لرئيس م.الابتدائية.
1- الاختصاص الابتدائي للمحكمة الابتدائية:
يعتبر الدور الرئيسي للمحكمة الابتدائية كمحكمة درجة أولى. حسب ق 10-35 ف19م.م تختص م.الابتدائية بالنظر:
• ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف أمام غرف الاستئناف بالمحاكم الابتدائية إلى غاية 20.000 درهم.
• ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف أمام محاكم الاستئناف في جميع الطلبات التي تتجاوز20.000 درهم.(الفصل 12)
يتضخ أن قاعدة النصاب صارت تميز بين غرفة الاستئناف بالمحكمة إ ومحكمة الاستئناف، بعدما كانت تميز من قبل بين الاختصاصين الابتدائي(القابل للاستئناف) والانتهائي. فحسب هذا الفصل أصبحت الأحكام الصادرة عن م.إ قابلة دائما للاستئناف حسب ما تقل قيمتها عن 20.000 درهم أو تتجاوزه. أما بشأن الطلبات غير المحددة فالأحكام بشأنها قابلة للاستئناف. ويكون الطلب غير محدد القيمة إما لأنه طلب مؤسس على مصلحة معنوية او مرتبط بحالة الأشخاص وأهليتهم كدعوى الحالة المدنية والتصريح بالموت أو الغياب أو لأنه يهدف إلى الحصول على مصلحة مادية يصعب تحديد قيمتها المالية لأنها غير قابلة لتقدير كطلب الإفراغ .
2- الاختصاص الاستئنافي للمحكمة الابتدائية:
بمقتضى قانون 10-35 أصبحت م.إ مرجع استئنافيا، تستأنف لديها بعض الأحكام الصادرة عنها، والتي تقل قيمتها المالية عن 20.000.
غرف الاستئناف بالمحاكم الابتدائية تملك نفس صلاحيات محاكم الاستئناف كإمكانية إلغاء حكم أو تعديله أو ممارسة حق التصدي لموضوع النزاع عند توفر شروطه.
3- اختصاصات رئيس المحكمة:
له مجموعة من الاختصاصات يمارسها وحده والمسندة إليه بنصوص خاصة وهو ما يطلق عليه بالقضاء الرآسي أو محكمة الرئيس:
• الاختصاص الاستعجالي
• إصدار أوامر الأداء
• البث في الأوامر المبنية على طلب.
أ- اختصاص الرئيس في البث في القضايا المستعجلة:
القضاء المستعجل يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس أصل الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين.
فهو يقوم علة إسعاف الخصوم بأحكام سريعة في قضاياهم التي لا تتحمل التأخير ولا تحتمل إجراءات المسطرة العادية.
أولا: القواعد الموضوعية للقضاء المستعجل: تتمثل في شرطين رئيسين: الاستعجال وعدم المساس بالموضوع.
1- شرط الاستعجال: نص ف 149م.م في فقرته الأولى على أنه "يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده في البث بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال".
إلا أن عنصر الاستعجال يختلف عن النظر في الدعوى على وجه السرعة، فكثيرا ما يؤكد المشرع على ضرورة النظر في الدعوى على "وجه الاستعجال" أو "بدون تأخير" فهذه المصطلحات التشريعية وغيرها غاياتها هو حث القاصي على الإسراع وتقصير مواعيد التقاضي أمام القضاء العادي وليس بمسطرة الاستعجال.
2- شرط عدم المساس بالموضوع: نص ف 152م.م على أنه "لا تبث الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر" فالأحكام الاستعجالية تقوم على الحماية المؤقتة للحق ودفع الخطر عنه، وليست مهمة رئيس المحكمة الابتدائية حق الفصل في موضوع النزاع. فيمنع عليه المساس بأصل الحقوق مهما أحاط بها من استعجال، فإذا رفعت إليه طلبات كإثبات الملكية، او طلب تقرير صحة عقد أو فسخه... فيجب عليه أن يصرح بعدم اختصاصه (اختصاص قاضي الموضوع). كما أن له الحق في الاطلاع على الوثائق الخاصة بالطرفين ليعرف النزاع وما يرجع لاختصاصه من عدمه فيه.
ثانيا: القواعد الاجمالية للقضاء المستعجل: القضاء الاستعجالي قضاء غير عادي له قواعده الاجرائية الخاصة به:
1- مسطرة القضاء الاستعجالي: هي مسطرة تتميز بالبساطة لا تحتمل تعقيدات المسطرة العادية، ويظهر هذا من خلال:
أ- طريقة تقديم الدعوى الاستعجالية: ف 150 م.م سمح بتقديم الدعوى الاستعجالية إمل لدى كتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة طيلة أيام الأسبوع وحتى في أيام الأعياد والعطل، بل إنه بالإمكان اللجوء إلى قاضي المستعجلات في بيته من أجل الحصول على أقرب جلسة للنظر في النزاع.
ب- كيفية البت في الدعوى الاستعجالية: مسطرة البت في الدعوى الاستعجالية تتسم بالسرعة وهو ما أكد عليه المشرع من خلال مواد (150-151) من ق م.م، ويمكن البت في غيبة الأطراف إذا كانت حالة الاستعجال القصوى.
2- خصائص الأحكام الاستعجالية: بما أنه قضاء لا يتدخل إلا في حالة الاستعجال وبعيدا عن النزاع، فيتميز بثلاثة خصائص:
• صفة التوقيت: تعني أن الحكم الاستعجالي هو حكم غير قطعي، لأنه لم يفصل في جوهر النزاع من جهة، ولا يلزم قاضي الموضوع عند النظر في جوهر النزاع.
• النفاذ المعجل للحكم الاستعجالي: خاصية أكدت عليها الفقرة الاولى ف153 "تكون الاوامر الاستعجالية مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون ويمكن للقاضي مع ذلك أن يقيد التنفيذ بتقديم الكفالة" (لا ضرورة لطلبه من المحكمة ).
• طابع الحضورية: أن الاحكام الاستعجالية لا تقبل الطعن بالتعرض
إرسال تعليق